يوم اقترب الإرهاب من حدود وطني، وشعرت بأن قصة لبنان الجميل والقوي شارفت على نهايتها، خفتُ وقررت الهروب والبحث عن وطنٍ جديدٍ لي … فهل وجدته؟
قُتلتُ على يد إيماني يوم شعر بأننا نفترق، لحظة خسرته وابتعدت عنه هرباً من الموت ومن سبب الموت… والسبب ما كان إلا هو: إيماني.
خسرته يوم شعرت بالموت وخطره يقتربان فجأةً من حدود بلادي وأطرافه، وبدأت أفتش عن وطنٍ آخر يحميني من « دواعش » ويغمرني بحبه ودفئه، فلم أجده.
كيف لي أن أموت هنا وما زلت شابةً، أطمح وأحلم وأرفع في خيالي صوراً جديدةً لوطني؟ كيف يأتي فجأةً من يهدد أحلامي ويقطع رؤوس…. جبالٍ لم تحن ركبها إلا لربٍ رسمها ؟
وبجبن هربت من هذه الدنيا لأحتمي بأخرى… لم أجدها قط. لكن إيماني لم يستسلم لمخاوفي…
بل عاد إليّ عنيداً، كجيش بلادي، مكافحاً ضعفي وجهلي لاستعادتي وإقامتي من موت نفسي وعقلي. فلا أموت إلا من أجله وبه ومعه لأنه خلاصي ومخلِّصي. لأنه إنجيلي وقرآني. لأنه مزموري ووصيتي وشهادتي. لأنه الأخوة والتعايش والوحدة… لأنه لبناني الذي خسرته يوم سقطت أول قطرة دماءٍ على أرضه بفعل سيف السقطة والجهلة، يوم شعرت بجبني وخوفي وأدرت له ظهري.
لكنني ما زلت هنا… فدم قلبي يضخ من جذور أرضه المليئة بالشجاعة والأمل… أعذرني!
أقسم بأنني لو ابتعدت عنك يوماً، سأعود… وبأنني لو فارقتك لحظةً، سأعود… وبأنني يوم عودتي إليك سأفتديك كما افتديتني وأعيد بدمك إيماني.
وألقاك…ألقاك يا لبناني مقطوعة, لا بل مرفوعة الرأس!