منذ فترةٍ وجيزة، انتشر على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك فيديو طُلب فيه من شبّانٍ وشابّات في إحدى أهمّ الجامعات في لبنان أن يؤدّوا النشيد الوطني. فشلوا في هذه المهمّة فاختبأوا وراء الضحك والفكاهة مع أنّ عجزهم هذا مخجل ومعيب.
تؤلمني رؤية طلّابٍ جامعيّين لا يعرفون نشيد بلادهم عن ظهر قلب.
يؤلمني سماع أحاديث اللبنانيّين التي غالباً ما تؤيّد “حلم الهجرة”. فيقول بعضهم:” شو بدّك بهالبلد! برّا أحسنلك.” وتطول لائحة الأمثلة التي تجسّد حسنات “برّا”. ويدّعي بعضهم الآخر أنّ لبنان “بلد ما بيسوا”. أهكذا هو لبنانهم؟ هل فعلاً “الحق عالبلد”؟ أليس الوطن صورةً لشعبه ونحن من نشوّه صورته أو نجمّلها؟
لذا لا تلقوا اللوم على الوطن؛ هو بريء من كلّ التهم.
أعلم أنّ كلامي قاسٍ ولن يروق لكثيرين. لكنّني أودّ لو يرى العالم بأسره لبنان من منظاري.
أستأذنك يا جبران، فأنا أيضاً لي لبناني، وهو بعيدٌ كلّ البعد عن لبنانهم.
على مدى عقود عانى لبناني الأمرّين واليوم بقيت مرارته مجرّد ذكرى لأنّنا “كلّنا للوطن”. تعيش الدول العربيّة من حولنا أزماتٍ شتّى لكنّ لبناني صامدٌ قويّ. ثروته شعبه المثقّف والمحبّ للحياة. فأينما تواجد لبنانيٌّ في العالم رفع اسم بلاده عالياً. فمن لم يغنّي صباحاً مع فيروز؟ ومن لم ينبهر بتصاميم إيلي صعب؟ من لم يتأثّر بقضايا الدفاع عن حقوق الإنسان التي تناولتها أمل علم الدين؟ ومن لم يعجب بأفلام سلمى حايك؟ من منّا لم يتباه ولو قليلاً عند سماع أسماء لبنانييّن آخرين تركوا بصماتهم في العالم؟
وستّ الدنيا بيروت “مين أدّها”! فقد اختارتها مجلّة سياحيّة في مدينة نيويورك كأوّل وجهةٍ سياحيّة لمحبّي الطعام للعام ٢٠١٧!
لا، لست أقول أنّ لبنان مثالي فلا يزال الفساد يتغلغل في مجتمعنا. لكنّني أؤمن بقدرة الشباب على التغيير. أؤمن بأنّه لو أحبّ الشباب وطنهم بقدر ما يحلمون بالابتعاد عنه “فلا بدّ أن يستجيب القدر”. أؤمن بأنّ على الشباب أن يستثمروا قدراتهم وطاقاتهم هنا، في وطنهم، فيعكسون أهمّيّته وجماله للعالم.
لبناني أنا مقدّس ونشيده صلاة.
والآن أخبروني، هل لبنانكم يشبه لبناني؟