كنت في العقد التاسع من عمري عندما استيقظت أنا وأخي في الساعة السادسة صباحاً على صوت رعدتين أثارتا الرهبة في قلبينا، لكننا أيقنا بعد ثوان قليلة أن ما الطبيعة لا يمكن أن تطلق رعداتها في شهر تموز الصيفي.
لقد مر 13 عاماً على حرب تموز، لكن أحداث تلك الفترة في تفاصيلها الدقيقة ما زالت حيّة في ذاكرتي.
لقد مر 13 عاماً على فرارنا من منزلنا ولجوئنا إلى منزل أحد أقاربنا في منطقة أخرى. لم نكن نعلم إن كان هذا المنزل آمناً لكنه بالتأكيد كان أكثر أماناً من منزلنا.
لقد مر 13 عاماً على تدمير منزلنا في جنوب لبنان، وعلى خسارة أعز الأشخاص على قلوبنا.
لقد مر 13 عاماً على كل تلك المصائب التي نقول عنها “تنذكر وما تنعاد”، نعم “تنذكر” لكي لا ننسى القوة التي اكتسبناها بعد إنتهاء الحرب، فالحرب وحدها تخلّص الإنسان من رهبة الحرب، و”ما تنعاد” لكي لا تتألم قلوبنا من جديد.
تلك الحرب انتزعت مني الكثير من الأشياء التي أحببتها لكنها بالمقابل ساهمت في منحي القوة وعدم الخوف من الحرب بحد ذاتها فلم أعد ارتعد لمجرد ذكرها.